للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿فَآمَنُوا﴾ أي: فآمن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم يونس جميعهم، ﴿فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ أي: إلى وقت آجالهم، كقوله: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾.

﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَينَهُ وَبَينَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)

يقول تعالى منكرًا على هؤلاء المشركين في جعلهم للَّه البنات -سبحانه- ولهم ما يشتهون، أي: من الذكور، أي: يَودون لأنفسهم الجيد. ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أي: يسوؤه ذلك، ولا يختار لنفسه إلا البنين. يقول تعالى: فكيف نسبوا إلى اللَّه القسم الذي لا يختارونه لأنفسهم؟ ولهذا قال: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ أي: سلهم على سبيل الإِنكار عليهم: ﴿أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾، كقوله: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾.

وقوله: ﴿أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ﴾ أي: كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث وما شاهدوا خلقهم؟ كقوله: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ أي: يسألون عن ذلك يوم القيامة.

وقوله: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ﴾ أي: من كذبهم ﴿لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ﴾ أي: صدر منه الولد، ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. فذكر اللَّه عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال في غاية الكفر والكذب: فأولا جعلوهم بنات اللَّه، فجعلوا للَّه ولدًا، وجعلوا ذلك الولد أنثى، ثم عبدوهم من دون اللَّه. وكل [١] منها كاف في التخليد في نار جهنم.

ثم قال منكرًا عليهم: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾، أي: أيّ شيء يحمله على [٢] أن


[١]- في ز، خ: "فكل".
[٢]- في ت: "عن".