للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فساء صباح المنذرين". لم يخرجوه من هذا الوجه، وهو صحيح على شرط الشيخين.

وقوله: ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾

ينزه تعالى نفسه الكريمة ويقدسها ويبرئها عما يقوله الظالمون المكذبون المعتدون [١]-تعالى وتقدس عن قولهم علوًّا كبيرًا- ولهذا قال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ أي: ذي العزة التي لا تُرَام، ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ أي: عن قول هؤلاء المعتدين المفترين، ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ أي: سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة، لسلامة ما قالوه في ربهم، وصحته وحَقّيّته [٢]، ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾ أي: له الحمد في الأولى والآخرة في كل حال. ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة من [٣] النقص بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل علي إثبات صفات الكمال مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص- قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن؛ ولهذا قال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾.

وقال سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة قال: قال [٤] رسول الله : "إذا سلمتم عليّ فسلموا علي المرسلين، فإنما أنا رسول من المرسلين".

هكذا [٥] رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سعيد عنه كذلك (١٠٢)، وقد أسنده ابن أبي حاتم فقال (١٠٣): حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أبو بكر الأعين، ومحمد


= باب: غزوة خيبر (٨/ ٥٢١) ثنا يزيد بن هارون نا ابن عوف عن عمرو بن سعيد عن أبي طلحة به وهذا إسناد صحيح أيضًا.
(١٠٢) - رواه ابن جرير (٢٣/ ١١٦) ثنا بشر، ثنا يزيد، ثنا سعيد به، وهذا إسناد منقطع وقد ذكره من هذا الوجه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٥٥٣) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق -وهو غير موجود في تفسيره المطبوع. وعبد بن حميد وابن المنذر وكذا ابن أبي حاتم. وانظر ما بعده.
(١٠٣) - ورواه ابن سعد وابن مردويه -كما في الدر المنثور (٥/ ٥٥٣) - من طريق سعيد عن قتادة به، ورجاله ثقات رجال الصحيحين، غير أن قتادة مدلس ولم يصرح فيه بالسماع ورواه ابن مردويه أيضًا كما في الدر المنثور من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس مرفوعًا، وفيه نفس العلة المشار إليها.