للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و [١] قال مجاهد وقتادة وابن [٢] زيد: يعنون دين قريش.

وقال غيرهم: يعنون النصرانية. قاله محمد بن كعب، والسدي.

وقال العوفي عن ابن عباس: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾ يعني النصرانية، قالوا: لو كان هذا القرآن حقًّا أخبرتنا به النصارى ﴿إِنْ هَذَا إلا اخْتِلَاقٌ﴾ قال مجاهد وقتادة: كذب. وقال ابن عباس: تخرص.

وقولهم: ﴿أَأُنْزِلَ عَلَيهِ الذِّكْرُ مِنْ بَينِنَا﴾: أنهم يستبعدون تخصيصه بإنزال القرآن عليه [٣] من بينهم كلهم، كما قالوا في الآية الأخرى: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ﴾، قال الله تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾، ولهذا لما قالوا هذا الذي دل علي [٤] جهلهم وقلة عقلهم، في استبعادهم إنزال القرآن علي الرسول من بينهم، قال الله تعالى: ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ أي: إنما يقولون هذا لأنهم ما ذاقوا إلي حين قولهم ذلك عذابَ الله ونقمته، سيعلمون غِبّ ما قالوا وما كذبوا به يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ثم قال مبينًا أنه المنصرف في ملكه، الفعال لما يشاء، الذي يعطي من شاء لمن يشاء، [ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء] [٥]، وينزل الروح من أمره علي من يشاء من عباده، ويختم علي قلب من يشاء، فلا يهديه أحد من بعبد الله، وإن العباد لا يملكون شيئًا من الأمر، وليس إليهم من التصرف [في الملك] [٦] ولا مثقال ذرة، وما يملكون من قطمير؛ ولهذا قال تعالى منكرًا عليهم: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ﴾ أي: العزيز الذي لا يُرَام جَنَابه، الوهاب الذي يعطي ما يريد لمن يريد.

وهذه الآية شبيهة بقوله: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَينَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَينَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ وقوله: ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ وذلك بعد الحكاية عن الكفار أنهم أنكروا بعثة الرسول البَشَريّ، وكما أخبر تعالى عن قوم صالح حين قالوا: ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيهِ مِنْ بَينِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾.

وقوله: ﴿أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ﴾ أي: إن


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز: "وأبو".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "عليه".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.