للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسلم عمه [١] إلي قول "لا إله إلا الله"، فأبى وقال: بل على دين الأشياخ. ونزلت: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾.

وقال أبو جعفر بن جرير (٣): حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا: حدثنا أبو أسامة، حدثنا الأعمش، حدثنا عباد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب، دخل عليه رهط من قريش، فيهم [٢] أبو جهل، فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا. ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته؟ فبعث إليه، فجاء النبي فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل، قال: فخشي أبو جهل إن جلس إلي جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه. فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد رسول الله مجلسًا قرب عمه، فجلس عند الباب. فقال له أبو طالب: أي ابنَ أخي، ما بال قومك يشكونك، يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول؟ قال: وأكثروا عليه من القول. وتكلم رسول الله فنقال: "يا عم، إني أريدهم علي كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية". ففزعوا لكلمته ولقوله، وقالوا: كلمة واحدة! نعم وأبيك عشرًا، فقالوا: وما [٣] هي؟ وقال أبو طالب: و [٤] أي كلمة هي يا بن أخي؟ فقال: "لا إله إلا الله". فقامرا فزعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عُجَابٌ﴾. قال: ونزلت من [٥] هذا الموضع إلى قوله: ﴿لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾. لفظ أبي كريب.

وهكذا رواه الإمام أحمد، والنسائي من حديث محمد بن عبد الله بن [٦] نمير، كلاهما عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن عباد، غير منسوب، به نحوه. ورواه الترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن جرير أيضًا، كلهم في تفاسيرهم (٤) من حديث سفيان الثوري، عن الأعمش، عن يحيى بن عُمَارة الكوفي، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، فذكر نحوه. وقال الترمذي: حسن.

وقولهم: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾ أي: ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إليه محمد من التوحيد في الملة الآخرة.


(٣) - تفسير الطبري (٢٣/ ١٢٥)، وأخرجه أحمد (١/ ٢٢٨، ٣٦٢) والنسائي في التفسير (٤٥٧) من طريق أبي أسامة عن الأعمش به.
(٤) - أخرجه أحمد (١/ ٢٢٧)، والترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة (ص)، حديث (٢٣٢٣)، والنسائي في التفسير (٤٥٦) وأبو يعلى (٢٥٨٣) والطبري (٢٣/ ١٢٥)، وابن حبان (١٧٥٧ - موارد)، والحاكم (٢/ ٤٣٢)، والبيهقي (٩/ ١٨٨) من طرق عن سفيان به.