وقوله: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾. هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم علي أنفسهم بتعجيل العذاب، فإن القط هو الكتابُ. وقيل: هو الحظ والنصيب.
قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والحسن، وغير واحد: سألوا تعجيل العذاب. زاد قتادة: كما قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
وقيل: سألوا تعجيل نصيبهم من الجنة، إن كانت موجودة أن يلقوا ذلك [١] في الدنيا. وإنما خَرَج هذا [٢] منهم مَخْرَج الاستبعاد والتكذيب.
وقال ابن جرير: سألوا تعجيل ما يستحقونه من الخير أو [٣] الشر في الدنيا. وهذا الذي قاله جيد، وعليه يدور كلام الضحاك، وإسماعيل بن أبي خالد، والله أعلم.
ولما كان هذا الكلام منهم علي وجه الاستهزاء والاستبعاد، قال الله تعالى لرسوله ﷺ آمرًا له بالصبر علي أذاهم، ومبشرًا له علي صبره بالعاقبة والنصمر [٤] والظفر.
يذكر تعالى عن عبده ورسوله داود ﵊؛ أنه كان ذا أيد، والأيد: القوة في العلم والعمل، قال ابن زيد والسدي: الأيد القوة. وقرأ ابن زيد: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَينَاهَا بِأَيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ وقال مجاهد: الأيد: القوة في الطاعة.
وقال قتادة: أعطي داود ﵇ قوة في العبادة، وفقهًا في الإِسلام، وقد ذُكر لنا أنه ﵇ كان يقوم ثلث الليل، ويصوم نصف الدهر، وهذا ثابت في الصحيحين (٥) عن رسول الله ﷺ أنه قال: "أحب الصلاة إلي الله صلاة داود، وأحب الصيام إلي الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقي، وإنه كان أوابًا". وهو الرجاع إلى الله ﷿ في جميع أموره وشئونه.
(٥) - صحيح البخاري في التهجد، باب: من نام عند السحر، حديث (١١٣١) ومسلم في الصيام، حديث (١١٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو به.