للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَال مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ أي: إنه تعالى سخر الجبال تسبح معه عند إشراق الشمس وآخر النهار، كما قال تعالى: ﴿يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيرَ﴾، وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه، وترجّع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح [١] في الهواء فسمعه [٢] وهو يترنم بقراءة الزبور، لا تستطيع الذهاب، بل تقف في الهواء، تسبح [٣] معه وتجيبه الجبال الشامخات، ترجع معه، وتسبح تبعًا له.

قال ابن جرير (٦): حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن بشر، عن مسْعَر، عن عبد الكريم، عن موسى بن أبي كثير، عن ابن عباس أنه بلغه أن أم هانئ ذكرت أن رسول الله يوم فتح مكة صلى الضحى ثمان ركعات. قال ابن عباس: [قد ظننت] [٤] أن لهذه الساعة صلاة، يقول الله تعالى: ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾.

ثم رواه (٧) من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن أبي المتوكل، عن أيوب بن صفوان، عن مولاه [٥] عبد الله بن الحارث بن نوفل، أن ابن عباس كان لا يصلي الضحى. قال: فأدخلته على أم هانئ فقلت: أخبري هذا ما أخبرتيني به [٦]، فقالت أم هانئ: دخل علي رسول الله يوم الفتح في بيتي، ثم أمر بماء صُبّ في قصعة، ثم أمر بثوب، فأخذ بيني وبينه، فاغتسل ثم رَش ناحية البيت، فصلى ثماني ركعات، وذلك من الضحى، قيامهن وركوعهن وسجودهن وجلوسهن [٧] سواء، قريب بعضهن من بعض. فخرج ابن عباس وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين ما عرفت صلاة الضحى إلا الآن: ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾، وكنت أقول: أين صلاة الإِشراق؟! وكان بَعدُ يقول: صلاة الإِشراق.


(٦) - تفسير الطبري (٢٣/ ١٣٧)، وانظر التالي.
(٧) - تفسير الطبري (٢٣/ ١٣٧). وأخرجه الحاكم في المستدرك (٤/ ٥٣) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة به.