للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قال: ﴿وَالطَّيرَ مَحْشُورَةً﴾ أي: محبوسة في الهواء، ﴿كُلٌّ لَهُ أَوَّاب﴾ أي: مطيع يسبح تبعًا له.

قال سعيد بن جبير وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد ﴿كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ أي: مطيع.

﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ أي: جعلنا له ملكًا كاملًا من جميع ما يحتاج إليه الملوك.

قال ابن أبي نجيح عن مجاهد: كان أشد أهل الدنيا سلطانًا.

وقال السدي: كان يحرسه في كل يوم أربعة آلاف.

وقال بعض السلف: بلغني أنه كان حَرَسُه في كل ليلة ثلاثة وثلاثين ألفًا، لا تدور عليهم النوبة إلي مثلها من العام القابل.

وقال غيره: أربعون ألفًا [مشملون بالسلاح] [١].

وقد ذكر ابنُ جرير، وابن أبي حاتم (٨)، من رواية علْباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن نَفَرين من بني إسرائيل استعدى أحدهما علي الآخر إلي داود أنه اغتصبه بقرًا، فأنكر الآخر، ولم يكن للمدعي بيّنة، فأرجأ أمرهما. فلما كان الليل أمر داود في المنام بقتل المدعي. فلما كان النهار طلبهما وأمر بقتل المدعي، فقال: يا نبي الله؛ علام تقتلني وقد اغتصبني هذا بقري؟ فقال: إن الله ﷿ قد [٢] أمرني بقتلك، فأنا قاتلك لا محالة. فقال: والله [٣] يا نبي الله؛ إن الله لم يأمرك بقتلي لأجل هذا الذي ادعيتُ عليه، وإني لصادق فيما ادعيت، ولكني كنت قد اغتلت أباه وقتلته، ولم يشعر بذلك أحد، فأمر [داود بقتله فقتل] [٤].

قال ابن عباس: فاشتدت هيبته في بني إسرائيل، وهو الذي يقول الله ﷿: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾.

وقوله: ﴿وَآتَينَاهُ الْحِكْمَةَ﴾، قال مجاهد: يعني الفهم والعقل والفطة. وقال مَرّة: الحكمة والعدل. وقال مَرّة: الصواب.

وقال قتادة: كتاب الله واتباع ما فيه.


(٨) - تفسير الطبري (٢٣/ ١٣٨).