للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: يدخلونها فتغمرهم من جميع جوانبهم، ﴿فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ﴾، أما الحميم فهو: الحار الذي قد انتهى حره، وأما الغَسّاق فهو ضده، وهو البارد الذي لا يستطاع من شدة برده المؤلم. ولهذا قال: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ أي: وأشياء من هذا القبيل، الشيء وضده يعاقبون بها.

قال الإمام أحمد (٣٥): حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهِيعةَ، حدثنا دَرّاج، عن أبي [١] الهيثَم، عن أبي سعيد، عن رسول الله أنه قال: "لو أن دَلْوًا من غَسّاق يهراق في الدنيا، لأنتن أهل الدنيا".

ورواه الترمذي، عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن رشْدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، به. ثم قال: لا نعرفه إلا من حديث رشدين. كذا قال: وقد تقدم من غير حديثه.

ورواه ابن جرير (٣٦)، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث به.

وقال كعب الأحبار: غساق [٢]: عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية وعقرب وغير ذلك، فيستنقع، يؤتى [٣] بالآدمي فيغمس فيها غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام، ويتعلق جلده ولحمه في كعبيه وعقبيه، ويجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه. رواه ابن أبي حاتم.

وقال الحسن البصري في قوله: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ ألوان من العذاب.

وقال غيره: كالزمهرير، والسموم، وشرب الحميم، وأكل الزقوم، والصعود والهَويّ، إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة والمتضادة، والجميع مما يعذبون به، ويهانون بسببه.

وقوله: ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ﴾، هذا إخبار عن قيل أهل النار بعضهم لبعض [كما قال تعالى] [٤]: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾، يعني بدل السلام يتلاعنون ويتكاذبون، ويكفر بعضهم ببعض، فتقول الطائفة التي تدخل قبل


(٣٥) - المسند (٣/ ٢٨، ٨٣)، وأخرجه الترمذي في صفة جهنم، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار حديث (٢٥٨٤).
(٣٦) - تفسير الطبري (٢٣/ ١٧٨).