للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عما سواه، الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذَلَّت وخضعت.

﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦)

يخبر تعالى أنه الخالق لا في السماوات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وأنه مالك الملك المتصرف فيه، يقلب ليله ونهاره، ﴿يُكَوِّرُ اللَّيلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيلِ﴾ أي: سخرهما يجريان متعاقبين لا يَقرّان، كل منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، كقوله: ﴿يُغْشِي اللَّيلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾. هذا معنى ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وغيرهم.

وقوله: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: إلى مدة معلومة عند اللَّه ثم تنقضي [] [١] يوم القيامة. ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ أي: مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه.

وقوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة، وهو آدم ، ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وهي حواء ، كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾.

وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج، وهي المذكورة في "سورة الأنعام": ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَينِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ﴾ ﴿وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَينِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَينِ﴾.

وقوله: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ أي: قدركم [٢] في بطون أمهاتكم ﴿خَلْقًا مِنْ


[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "بيوم".
[٢]- في ز: "يخلقكم".