للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفهم] [١]، ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ].

﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣).

هذا مَدْحٌ من الله ﷿ لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾، قال مجاهد: يعني القرآن كله [٢] متشابه مثاني.

وقال قَتَادة: الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف.

وقال الضحاك: ﴿مَثَانِيَ﴾: ترديد القول ليفهموا عن ربهم ﷿.

وقال عكرمة والحسن: ثنى الله فيه القضاء. زاد الحسن: تكون السورة فيها آية وفي السورة الأخرى آية تشبهها.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿مَثَانِيَ﴾: مُرَدَّد، رُدِّد موسى في القرآن، وصالح وهود والأنبياء في أمكنة كثيرة.

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس: ﴿مَثَانِيَ﴾ قال: القرآن يشبه بعضه بعضًا، ويرد بعضه على بعض.

وقال بعض العلماء: ويُرْوى عن سفيان بن عيينة معنى قوله: ﴿مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾: أن سياقات القرآن تارةً تكونُ في معنى واحد، فهذا من المتشابه، وتارة تكونُ بذكر الشيء وضده، كذكر المؤمنين ثم الكافرين، [٣] كصفة الجنَّة ثم صفة النار، وما أشبه هذا، فهذا من المثاني، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ وكقوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ إلى أن قال: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ إلى أن قال: ﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ﴾ ونحو هذا من السياقات، فهذا كله من المثاني، أي: في معنيين اثنين [٤]، وأما إذا كان السياق كله في معنى واحد يشبه بعضه بعضًا، فهو المتشابه. وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله: ﴿مِنْهُ


[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "يخشع ولا يعي ولا يفهم".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- سقط من: خ، ز.