للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ عِبَادِهِ﴾ أي: هذه صفة من هداه الله، ومن كان على خلاف ذلك نهو ممن أضله الله، ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ هَادٍ﴾.

﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦)

يقول تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، ويُقْرَعُ فيقال له ولأمثاله من الظالمين: ﴿ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾، كمن يأتي آمنًا يوم القيامة؟! كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَويًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. وقال [١]: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ وقال: ﴿أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ في هذه الآية بأحد القسمين عن [٢] الآخر كقول الشاعر:

فَمَا أَدْري إذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا … أريدُ الخيرَ أيُّهما يَلِيني؟

[يعني: الخير والشر] [٣].

وقوله: ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يعني: القرون الماضية المكذبة للرسل، أهلكهم الله بذنوبهم، وما كان لهم من الله من واق.

وقوله: ﴿فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي: بما أنزل بهم من العذاب والنكال وتشفي المؤمنين بهم، فليحذر المخاطبون من ذلك، فإنهم قد كذبوا أشرف الرسل، وخاتم الأنبياء، والذي أعده الله لهم في الآخرة من العذاب الشديد أعظمُ مما أصابهم في الدنيا؛ ولهذا قال: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَويَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا


[١]- في خ: "فقال".
[٢]- في خ: "على".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.