للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٤٠)

يقول تعالى: ﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وقرأ بعضهم: (عباده)، يعني أنه تعالى يكفي مَن عَبَده وتوكل عليه.

وقال ابن أبي حاتم هاهنا: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي، حدثنا أبو هانئ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجَنْبِيِّ [١]، عن فضالة بن عبيد الأنصاري أنه [٢] سمع رسول الله يقول: "أفلح من هُدِيَ إلى الإسلام، وكان عيشه كفافًا، وقَنعَ به".

[ورواه الترمذي والنسائي (١٩) من حديث حيوة بن شريح عن أبي هانئ الخولاني، به. وقال الترمذي: صحيح] [٣].

﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ يعني المشركين يخوفون الرسول ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يعبدونها [٤] من دونه جهلًا منهم وضلالًا؟ ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾،، أي: منيع الجناب لا يضام، من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه، فإنه العزيز الذي لا أعز منه، ولا أشد انتقامًا منه، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله .

وقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ يعني: المشركين كانوا يعترفون بأن الله هو الخالق للأشياء كلها، ومع هذا يعبدون معه غيره، مما [٥] لا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا، ولهذا قال: ﴿قُلْ أَفَرَأَيتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾، أي: لا تستطيع [٦] شيئًا من الأمر.

وذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث قيس بن الحجاج، عن. حَنَش الصَّنعاني، عن ابن عباس


(١٩) - أخرجه أحمد (١٩١٦) والترمذي في الزهد، باب: ما جاء في الكفاف والصبر عليه، حديث (١٣٤٩)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (١١٠٣٣) من طريق حيوة بن شريح به.