للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وهم المشركون ﴿مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ﴾ أي: ولو أن جميعَ ملْك الأرض وضِعْفَه معه [١] ﴿لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ﴾ أي: الذي أوجبه الله لهم يوم القيامة، ومع هذا لا يُتقَبَّل منهم الفداء ولو كان ملءَ الأرض ذهبًا، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ أي: وظهر لهم من الله من العذاب والنكال بهم ما لم يكن في بالهم ولا في حسابهم، ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ أي: وظهر لهم جزاء ما اكتسبوا في الدار الدُّنيا من المحارم والمآثم، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي: وأحاط بهم من العذاب والنكال ما كانوا يستهزئون به في الدار الدُّنيا.

﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَال إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قَالهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)

يقول تعالى مخبرًا عن الإِنسان: إنَّه في حال الضراء يَضرَع إلى الله ﷿ وينيب إليه ويدعوه، وإذا خوله منه نعمة بغى وطغى، وقال: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ أي: لما يعلم الله من استحقاقي له، ولولا أني عند الله تعالى خصيص لما خَوّلني هذا!

قال قتادة: ﴿عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ على خير عندي.

قال الله ﷿: ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ أي: ليس الأمر كما زعموا، بل أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه، أيُطيع أم يعصى؟ مع علمنا المتقدم بذلك، فهي فتنة أي: اختبار، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ [٢] لَا يَعْلَمُونَ﴾، فلهذا يقولون ما يقولون، ويَدّعون ما يدّعون.

﴿قَدْ قَالهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي: قد قال هذه المقالة وزَعَم هذا الزعم وادعى هذه [٣] الدعوى- كثير ممن سلف من الأمم، ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أي: فما صح


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز: "أكثر النَّاس".
[٣]- سقط من: ز.