للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت، وإن كثرت وكانت مثل زيد البحر. ولا يصح حمل هذه على غير توبة؛ لأنَّ الشرك لا يُغفر لمن لم يتب منه.

وقال البُخاريّ (٢٨): حدَّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف؛ أن ابن جُرَيج أخبرهم؛ قال يعلى: إن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس؛ أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وَزَنَوا فأكثروا. فأتوا محمدًا ؛ فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحَسَنٌ لو تُخبرنا أنّ لما عملنا كفارة. فنزل: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾، ونزل قوله: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾.

وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ (٢٩)، من حديث ابن جُرَيج، عن يعلى بن مسلم المكيِّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

والمراد من الآية الأولى قوله: ﴿إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا … ﴾ الآية.

وقال الإمام أحمد (٣٠): حدَّثنا حَسَن، حدَّثنا ابن لهيعة، حدَّثنا أبو قَبِيل؛ قال [١]: سمعت أبا [٢] عبد الرحمن المزي [٣]؛ قوله: سمعت ثوبان مولى رسول الله ؛ يقول: سمعت رسول الله ؛ يقول [٤]: "ما أحب أن لي الدُّنيا وما فيها بهذه الآية: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ … ". إلى آخر الآية، فقال رجل: يا رسول الله؛ فمن أشرك؟ فسكت النَّبيُّ ، ثم قال: "ألا ومن أشرك". ثلاث مرات. تفرد به الإمام أحمد.

وقال الإمام أحمد أيضًا (٣١): حدَّثنا سُرَيج [٥] بن النُّعمان، حدَّثنا نوح [٦] بن قيس، عن


(٢٨) - صحيح البُخاريّ كتاب التفسير، باب: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ … ﴾ حديث (٤٨١٠).
(٢٩) - أخرجه مسلم في الإيمان، حديث (١٢٢)، وأبو داود في الفتن والملاحم، باب: في تعظيم قتل المؤمن، حديث (٤٢٧٤) والنَّسائيُّ في تحريم الدم، باب تعظيم الدم (٧/ ٨٦) وفي التفسير (٤٦٩) من طريق ابن جريج به.
(٣٠) - المسند (٥/ ٢٧٥)، وأخرجه الطّبرانيّ في الأوسط (١٧٤) من طريق ابن أبي مريم عن ابن لهيعة به، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢١٧): إسناده حسن.
(٣١) - المسند (٤/ ٣٨٥).