للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّسائيّ من حديث أبي بكر بن عياش، به.

ولما تمنى أهل الجرائم العَودَ إلى الدُّنيا، وتحسروا [١] على تصديق آيات الله واتباع رسله، قال: ﴿بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: قد جاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه- آياتي [٢] في الدار الدُّنيا، وقامت حججي عليك، فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها، وكنت من الكافرين بها، الجاحدين لها.

﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١)

يخبر تعالى عن يوم القيامة أنَّه تسود فيه وجوه، وتبيض فيه وجوه، تسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف، وتبيض وجوه أهل السنة والجماعة، قال تعالى ها هنا: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ﴾ أي: في دعواهم له شريكًا وولدًا ﴿وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ أي: بكذبهم وافترائهم.

وقوله: ﴿أَلَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ [٣]﴾ أي: أليست جهنم كافية لهم [٤] سجنًا وموئلًا لهم فيها الخزي والهوان، بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق.

قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب، حدَّثنا عمي، حدَّثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله قال: "إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور النَّاس، يعلوهم كل شيء من الصغار، حتَّى يدخلوا سجنًا من النَّار في واد يقال له: بولس [٥]، من دار الأنيار [٦] ويسقون عصارة أهل النَّار، من طينة الخبال".

وقوله: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ أي: بما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله، ﴿لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ﴾ أي: يوم القيامة، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أي: ولا يحزنهم الفزع الأكبر، بل هم آمنون من كل فَزَع، مزحزحون عن كل شر، مؤمّلون كل خير.


[١]- في ز: "ويتحسروا".
[٢]- في ز: "بلى قد جائك".
[٣]- في ز: "للكافرين".
[٤]- في خ: "لها".
[٥]- في ز: "بلولس".
[٦]- في ز: "الأيّار".