يقول تعالى منبهًا على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة، وأن ذلك سهل عليه، يسير لديه بأنه خلق السماوات والأرض، وخلقهما أكبر من خلق الناسِ بدأةَ وإعادة، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأوْلى والأحرى، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ][١] بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وقال هاهنا: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا [٢] يتأملونها، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله خلق السماوات والأرض، وينكرون المعاد، استبعادًا وكفرًا وعنادًا، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا.
ثم قال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾ أي: كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئًا، والبصير الذي يرى ما انتهي إليه بصره، بل بينهما فرق عظّم، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار، ﴿قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: ما أقل ما يتذكر كثير من الناس!
ثم قال: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ أي: لكائنة وواقعة، ﴿لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: لا يصدقون بها، بل يكذبون بوجودها.
قال ابن أبي حاتم (٥٠): حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أشهب، حدثنا مالك، عن شيخ قديم من أهل اليمن -قدم من ثَمَّ- قال: سمعت أن الساعة إذا دنت اشتد البلاء على الناس، واشتد حر الشمس.