للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماء قبل الأرض، ثم قال: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَينِ﴾، إلي قوله: ﴿طائعين﴾، فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء؟ وقال: ﴿وكان الله غفورًا رحيمًا﴾، ﴿عزيزًا حكيمًا﴾، ﴿سميعًا بصيرًا﴾، فكأنه كان ثُمّ مضي.

قال -يعني ابن عباس-: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَينَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور، ﴿فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾، فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثم [١] في النفخة الأخرى ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ وأما قوله: ﴿ما كنا مشركين﴾، ﴿ولا يكتمون الله حديثًا﴾، فإن الله يغفر لأهل الإِخلاص ذنوبهم [٢]، فقال المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فيختم علي أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك يعرف أن الله لا يُكتَمُ حديثًا، وعنده ﴿يود الذين كفروا﴾ الآية. وخلق الأرض في يومين، ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم دَحَى الأرض، ودَحْيُها: أن أخرج منها الماء والمرعي، وخلق الجبال والجماد والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله ﴿دحاها [٣]﴾، وقوله: ﴿خلق الأرض في يومين﴾ فَخُلِقَتِ الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلِقَت [٤] السموات في يومين ﴿وكان الله غفورًا رحيمًا﴾: سمي نفسه بذلك، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك، فإن الله لم يُرِد شيئًا إلا أصاب به الذي أراده، فلا يختلفَنّ عليك القرآن، فإن كلًّا من عند الله ﷿، قال البخاري (٧): حدثنيه يوسف بن عَدي، حدثنا عُبَيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال -هو ابن عمرو- بالحديث.

فقوله: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَينِ﴾، يعني: يوم الأحد ويوم الاثنين، ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا﴾ أي: جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغراس، ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ وهو: ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزدرع [٥] وتغرس، يعني يوم الثلاثاء والأربعاء، فهما مع اليومين السابقين أربعة، ولهذا قال تعالى: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ أي: لمن أراد السؤال عن ذلك ليعلمه.

وقال مجاهد وعكرمة في قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾: جعل في كل أرض ما [٦] لا يصلح في غيرها، ومنه، العصب باليمن، والسابوري [٧] بسابور، والطيالسة بالري.

وقال ابن عباس، وقتادة، والسدي في قوله تعالى: ﴿سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ أي: لمن أراد السؤال عن ذلك.


(٧) - في صحيحه، كتاب التفسير، سورة حم السجدة الفتح ٨/ ٥٥٥.