للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن زيد: معناه: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ أي: علي وفق مراد من له حاجة إلى رزق أو حاجة، فإن الله قَدّر له ما هو محتاج إليه.

وهذا القول يشبه ما ذكروه في قوله تعالى: ﴿وآتاكم من كل ما سألتموه﴾، والله أعلم.

وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ وهو بخار الماء المتصاعد منه [١] خلقت السماء [٢] ﴿فَقَال لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ أي: استجيبا لأمري وانفعلا لفعلي [طائعتين أو مكرهتين] [٣].

قال الثوري: عن ابن جُرَيج، عن سليمان بن موسى، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَقَال لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾، قال: قال الله تعالى للسماوات: أطلعي شمسي وقمري ونجومي. وقال للأرض: شققي أنهارك، وأخرجي ثمارك. فقالتا: ﴿أَتَينَا طَائِعِينَ﴾ واختاره ابن جرير .

﴿قَالتَا أَتَينَا طَائِعِينَ﴾ أي: بل نستجيب لك ميعين بما فينا، مما تريد خلقه من الملائكة والإِنس والجن جميعًا مطيعين لك. حكاه ابن جرير عن بعض أهل العربية. قال: وقيل: تنزيلًا لهن معاملة من يعقل بكلامهما [٤].

وقيل: إن المتكلم من الأرض بذلك هو مكان الكعبة، ومن السماء ما يسامته منها، والله أعلم.

و [٥] قال الحسن البصري: لو أبيا عليه أمره لعذبهما عذابًا يجدان ألمه. رواه إلي أبي حاتم.

﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَينِ﴾ أي: ففرغ من تسويتهن سبع سماوات في يومين، أي: آخرين، وهما يوم الخميس ويوم الجمعة.

﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ أي: ورتب مقررًا في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة، وما فيها من الأشياء التي لا يعلمها إلا هو، ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾، وهنّ الكواكب النيرة [٦] المشرقة على أهل الأرض، ﴿وَحِفْظًا﴾ أي: حرسًا من الشياطين أن تستمع إلى الملأ الأعلى.

﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ أي: العزيز الذي قد عَزّ كل شيء فغلبه وقهره، العليم بجميع حركات المخلوقات وسكناتهم.


[١]- بعده في ت: حين.
[٢]- في ت: "الأرض".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ت: "طائعين أو مكرهين".
[٤]- في ز: "لكلامهما".
[٥]- سقط من: ز.
[٦]- في ت: "المنيرة".