يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ أي: [إنما يعود نفع ذلك على نفسه][١]، ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيهَا﴾ أي: إنما يرجع وبَالُ ذلك عليه، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ أي: لا يعاقب أحدًا إلا بذنب، ولا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه.
ثم قال: ﴿إِلَيهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ أي: لا يعلم ذلك أحدٌ سواه، كما قال ﷺ، وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة، حين سألة عن الساعة، فقال:"ما المسئول عنها بأعلم من السائل"(٤٣) وكما قال تعالى: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ وقال: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلا هُوَ﴾.
وقوله: ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلا بِعِلْمِهِ﴾ أي: الجميع بعلمه [٢] لا يعزب عن علمه من [٣] مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا﴾. وقال [جلت عظمته][٤]: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ وقال: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.
وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَينَ شُرَكَائِي﴾ أي: يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق: أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ ﴿قَالُوا آذَنَّاكَ﴾ أي: أعلمناك، ﴿مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ﴾ أي: ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكًا، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: ذهبوا فلم ينفعوهم، ﴿وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أي: وظن المشركون يوم القيامة، وهذا بمعنى اليقين ﴿مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾] [٥] أي: لا محيد لهم عن عذاب الله، كقوله تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾.