للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَضَعُ إلا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَينَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨)

يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ أي: [إنما يعود نفع ذلك على نفسه] [١]، ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيهَا﴾ أي: إنما يرجع وبَالُ ذلك عليه، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ أي: لا يعاقب أحدًا إلا بذنب، ولا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه.

ثم قال: ﴿إِلَيهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ أي: لا يعلم ذلك أحدٌ سواه، كما قال ، وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة، حين سألة عن الساعة، فقال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" (٤٣) وكما قال تعالى: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ وقال: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلا هُوَ﴾.

وقوله: ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلا بِعِلْمِهِ﴾ أي: الجميع بعلمه [٢] لا يعزب عن علمه من [٣] مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا﴾. وقال [جلت عظمته] [٤]: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ وقال: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.

وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَينَ شُرَكَائِي﴾ أي: يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق: أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ ﴿قَالُوا آذَنَّاكَ﴾ أي: أعلمناك، ﴿مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ﴾ أي: ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكًا، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: ذهبوا فلم ينفعوهم، ﴿وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أي: وظن المشركون يوم القيامة، وهذا بمعنى اليقين ﴿مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾] [٥] أي: لا محيد لهم عن عذاب الله، كقوله تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾.

﴿لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ


(٤٣) - أخرجه البخاري في الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام، حديث (٥٠)، ومسلم في الإيمان (١) (٨).