للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾ أي: كفى بالله شهيدًا على أفعال عباده وأقوالهم، وهو يشهد أن محمدًا صادق فيما أخبر به عنه، كما قال: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾.

وقوله: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ﴾ أي: في شك من قيام الساعة، ولهذا لا يتفكرون فيه، ولا يعملون له، ولا يحذرون منه، بل هو عندهم هَدَرٌ لا يعبأون به، وهو واقع لا ريب فيه وكائن لا محالة.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا خلف بن تميم، حدثنا عبد الله بن محمَّد بن سعيد الأنصاري: أن عمر بن عبد العزيز صَعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإني لم أجمعكم لأمر أحدثته [١] فيكم، ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون، فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق، والمكذب به هالك، ثم نزل.

ومعنى قوله : "أن المصدق به أحمق"، أي: لأنه لا يعمل له عمل مثله، ولا يحذر منه ولا يخاف من قوله، وهو [٢] مع ذلك مصدق به، موقن بوقوعه، وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه، فهو أحمق بهذا الاعتبار، والأحمق في اللغة: ضعيف العقل.

وقوله: (والمكذب به هالك): هذا واضح، والله أعلم. ثم قال تعالى مقررًا على أنه على كل شيء قدير، وبكل شيء محيط، وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه : ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ مُحِيطٌ﴾ أي: المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته، وتحت طي علمه، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

[آخر تفسير سورة فصلت] [٣].

* * *


[١]- في ز: "أحدثه".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- سقط من: ز.