للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سويد حدثه، عن ابن حُجَيرة: أنه بلغه أن موسى قال: يا رب خَلقُك الذين خلقتهم، جعلت منهم فريقًا في الجنة وفريقًا في النار، لوما أدخلتهم كلهم الجنة؟! فقال: يا موسى، ارفع ذَرْعك. فرفع، قال: قد رفعت. قال: ارفع. فرفع [١]، فلم يترك شيئًا، قال: يا رب، قد رفعت. قال: ارفع. قال: قد رفعت، إلا ما لا خير فيه. قال: كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة، إلا ما لا خير فيه.

﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ (١٠) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾

يقول تعالى منكرًا على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون اللَّه، ومخبرًا أنه الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده، فإنه القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير.

ثم قال: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: مهما اختلفتم فيه من الأمور، وهذا عام في جميع الأشياء، ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه ، كقوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ أي: الحاكم في كل شيء، ﴿عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ﴾، أي: أرجع في جميع الأمور.

وقوله: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: خالقهما وما بينهما، ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أي: من جنسكم وشكلكم، منَّةً عليكم وتفضلًا، جعل من جنسكم ذكرًا وأنثى ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا﴾ أي: خلق لكم في الأنعام ثمانية أزواج.

وقوله: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾ أي: يخلقكم فيه، أي: في ذلك الخلق على هذه الصفة لا


= الإسناد فإنه من بلاغات ابن حجيرة عن موسى ، وقد ورد نحو هذا الأثر عن موسى من بلاغات عمار بن يسار عن ابن عساكر في تاريخه ١٧/ ٣٧١ مخطوط "ترجمة موسى بن عمران ".