للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارث وحيوة بن شريح، عن يحيى بن [أبي أسيد] [١]: أن أبا فراس حَدّثه: أنه سمع عبد اللَّه بن عمرو يقول: إن اللَّه لما خلق آدم نفضه نفض المزْوَد [٢] وأخرج منه كل ذريته فخرج أمثال النغف فقبضهم قبضتين، ثم قال: شقي وسعيد. ثم ألقاهما ثم قبضهما فقال: فريق في الجنة وفريق في السعير. وهذا الموقوف أشبه بالصواب. واللَّه أعلم.

وقال الإِمام أحمد (٩): حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد -يعني ابن سلمة- أخبرنا الجُرَيري، عن أبي نضرة أن رجلًا من أصحاب النبي يقال له: أبو عبد اللَّه، دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي، فقالوا له: ما يُبكيك؟ ألم يقل لك رسول اللَّه : "خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني". قال: بلى، ولكن سمعت رسول اللَّه يقول: "إن اللَّه قبض بيمينه [٣] قبضة، وأخرى باليد الأخرى، قال: هذه لهذه، وهذه لهذه ولا أبالي". فلا أدري في أيّ القبضتين أنا.

وأحاديث القدر في الصحاح والسنن والمسانيد كثيرة جدًّا، منها حديث علي، وابن مسعود، وعائشة، وجماعة جمة.

وقوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي: إما على الهداية أو على الضلالة، ولكنه تعالى فاوت بينهم، فهدى من شاء [٤] إلى الحق، وأضل من شاء [٥] عنه، وله الحكمة والحجة البالغة. ولهذا قال: ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.

وقال ابن جرير (١٠): حدثني يونس أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي


(٩) - المسند (٤/ ١٧٦)، (٥/ ٦٨) وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (٥/ ٢١٦) عن طريق حماد بن سلمة عن سعيد الجريري به وهذا الإسناد صحيح على شرط مسلم، والجريري وإن كان قد اختلط بأخرة إلا أن حماد بن سلمة ممن سمع منه قبل الاختلاط كما ذكر العجلي في ثقاته (١/ ٣٩٤) والحديث ذكره الهيثمي في المجمع (٧/ ١٨٦) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ا هـ، وفي القبضتين أحاديث انظر الأسماء والصفات للبيهقي (٧٠٥ - ٧١٥)، والصحيحة (٤٧ - ٥٠).
(١٠) - أخرجه الطبري في تفسيره (٢٥/ ٩) ووقع في المطبوع عن التفسير " … عن عمرو بن الحارث، عن أبي شبَّويه عن ابن حجيرة" ولا أعرف من سماه بأبي شبويه، وإنما ترجم له المزى في تهذيبه باسم أبي سَوِيَّة، وترجم له ابن حبان باسم أبي سويد كما عند المصنف، وقال: وقد غلط عن سماه أبا سوية، وقال الحافظ في التقريب: أبو سويد ويقال: أبو سوية، فالله أعلم، قال ابن حجر في التقريب: صدوق ا هـ، وأثنى عليه ابن يونس، وابن ماكولا وعلى كل فلا يخفى أن الحديث بهدا السياق ضعيف من حيث =