للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَضَبٌ﴾ أي: منه، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ أي يوم القيامة.

قال ابن عباس، ومجاهد: جادلوا المؤمنين بعدما استجابوا للَّه ولرسوله، ليصدوهم عن الهدى، وطَمعوا أن تعود الجاهلية.

وقال قتادة: هم اليهود والنصارى، قالوا لهم: ديننا خير من دينكم، [ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم] [١]، وأولى باللَّه [٢] منكم. وقد كذبوا في ذلك.

ثم قال: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾، يعني: الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه ﴿وَالْمِيزَانَ﴾، وهو: العدل والإنصاف. قاله مجاهد، وقتادة. وهذه كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ وقوله: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾.

وقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ فيه ترغيب فيها وترهيب منها وتزهيد [٣] في الدنيا.

وقوله: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾ أي: يقولون: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾؟ وإنما يقولون ذلك تكذيبًا واستبعادًا، وكفرًا وعنادًا. ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا﴾ أي: خائفون وَجِلُون من وقوعها، ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ أي: كائنة لا محالة، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها.

وقد روي من طرق تبلغ درجة التواتر في الصحاح والحسان والسنن والمسانيد وفي بعض ألفاظه: أن رجلًا سأل رسول اللَّه بصوت جهوريّ، وهو في بعض أسفاره، فناداه فقال: يا محمد. فقال له النبي [نحوًا من صوته] [٤]: "هاؤم". فقال: متى الساعة؟ فقال له رسول اللَّه : "ويحك، إنها كائنة، فما أعددت لها؟ ". فقال: حُبّ اللَّه ورسولِه. فقال: "أنت مع من أحببت" (١٢).


(١٢) - أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب علامة الحب في اللَّه حديث رقم (٦١٧١)، ومسلم في البر والصلة باب المرء مع من أحب حديث (٢٦٣٩) من حديث أنس بن مالك، وأخرجه البخاري في الموضع السابق حديث (٦١٦٨ - ٦١٧٠)، ومسلم في الموضع السابق حديث (٢٦٤٠ - ٢٦٤١) من حديث عبد اللَّه بن مسعود.