للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله في الحديث: "المرء مع من أحب". هذا متواتر لا محالة، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة، بل أمره بالاستعداد لها.

وقوله: ﴿أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ﴾ أي: يحاجّون في وجودها ويدفعون وقوعها، ﴿لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ أي: في جهل بيّن؛ لأن الذي خلق السماوات والأرض قادرٌ على إحياء الموتى بطريق الأولى والأخرى، كما قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ﴾.

﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَويُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَينَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢)

يقول تعالى مخبرًا عن لطفه بخلقه في رزْقه إياهم عن آخرهم، لا ينسى أحدًا منهم، سواء في رزْقه البَرّ والفاجر؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾. ولها نظائر كثيرة.

وقوله: ﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: يوسع على من يشاء، ﴿وَهُوَ الْقَويُّ الْعَزِيزُ﴾ أي: لا يعجزه شيء.

ثم قال: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ أي: عمل الآخرة، ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ أي: نقويه ونعينه على ما هو بصدده، ونكثر نماءه، ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما يشاء اللَّه. ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ أي: ومن كان إنما سعيه ليحصل له شيء من الدنيا، وليس له إلى الآخرة همَّة ألبتة [١] بالكلية، حَرَمه اللَّه الآخرة، والدنيا إن شاء أعطاه منها، وإن لم يشأ لم يحصل له لا


[١]- سقط من: ز.