للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. فقال: صدق والله ونَصح، ثم قال: ما [١] حاجتك يا أبا عبد الله؟ قلت: حاجتي أن تلحقني بأهلي. قال: نعم. رواه ابن أبي حاتم.

ثم إنه تعالى لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص، قال نادبًا إلى العفو والصفح: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ أي: صبر على الأذى وستر السيئة، ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

قال سعيد بن جبير: لمن حق الأمور التي أمر الله بها، أي: لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل.

و [٢] قال ابن أبي حاتم (٦٣): حدثنا أبي، حدثنا عمران بن موسى الطرسوسي [٣]، حدثنا عبد الصمد بن يزيد -خادم الفُضَيل بن عياض- قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلًا فقل: يا أخي، اعف عنه، فإن العفو أقرب للتقوى. فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو، ولكن أنتصر كما أمرني الله ﷿. [فقل له] [٤]: إن كنت تحسن أن تنتصر وإلا فارجع إلى باب العفو، فإنه باب واسع، فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل، وصاحب الانتصار يقلب الأمور.

وقال الإِمام أحمد (٦٤): حدثنا يحيى -يعني ابن سعيد القطان- عن ابن عجلان، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هُرَيرة : أن رجلًا شتم أبا بكر والنبي جالس، فجعل النبي يعجب ويتبسم، فلما أكثر رَدّ عليه بعض قوله، فغضب النبي وقام، فلحقه أبو بكر فقال: يا رسول الله، إنه


(٦٣) - صحيح إلى الفضيل، فقد أخرج أبو نعيم في حليته (٨/ ١١٢) هذا الخبر من وجه آخر عن عبد الصمد عن الفضيل به الحلية.
(٦٤) - أخرجه أحمد ٢/ ٤٣٦، وأبو داود في كتاب الأدب، باب: في الانتصار، حديث رقم (٤٨٩٨)، والبيهقي في الشعب ٦/ ٢٥٨ من طرق عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري به. ورواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري مضطربة. وقد اختلطت عليه رواية المقبري عن رجل عن أبي هريرة، ورواية المقبري عن أبي هريرة فجعلها جميعًا عن أبي هريرة. فروايته عن المقبري مردودة، ولاسيما إذا خولف عن المقبري كما في هذا الحديث فقد رواه الليث بن سعد، وهو ثقة ثبت، عن المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بين المسيب مرسلًا. أخرجه هكذا أبو داود في الموضع السابق حديث رقم (٤٨٩٧) والبخاري في التاريخ الكبير ٢/ ١٠٢ كلاهما من طريق الليث به وقال البخاري: "وقال ابن عجلان: عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي ، والأول أصح" يعني رواية الليث.