للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يشتمني وأنت جالس، فلما رَدَدت عليه بعض قوله غضبتَ وقمتَ! قال: "إنه كان معك مَلَك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله حضَر الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان". ثم قال: "يا أبا بكر، ثلاث كلهن حَقّ: ما من عبد ظُلم بمظلمة فيغضي عنها لله، إلا أعَزّ الله بها نَصْرَه، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة، إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة، إلا زاده الله بها قلة".

وكذا [١] رواه أبو داود، عن عبد الأعلى بن حماد، عن سفيان بن عيينة. قال: ورواه صفوان بن عيسى، كلاهما عن محمد بن عجلان. ورواه من طريق الليث، عن سعيد المقبري، عن بشير بن المحرر، عن سعيد بن المسيب مرسلًا (٦٥)، وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو سبب سبه للصديق.

﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَال الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦)

يقول تعالى مخبرًا عن نفسه الكريمة: إنه ما شاء كان ولا رَادّ له، وما لم يشأ لم يكن فلا موجد له، وأنه من هداه فلا مُضِلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، كما قال: ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ ثم قال مخبرًا عن الظالمين، وهم المشركون بالله ﴿لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ أي: يوم القيامة يتمنون الرجعة إلى الدنيا، ﴿يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾، كما قال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَاليتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيهَا﴾ أي: على النار ﴿خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾ أي: الذي


(٦٥) - تقدم تخريجه في سورة البقرة عند الآية رقم (٢٨٢).