للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَينِهِمْ فَوَيلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾

يقول تعالى مخبرًا عن تعنت قريش في كفوهم وتعمدهم العناد والجدل: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ﴾، قال غير واحد، عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، والسدي: يضحكون، [أي: أعجبوا بذلك.

وقال قتادة: يجزعون ويضحكون] [١]. وقال إبراهيم النخعي: يعرضون.

وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال: وجلس رسول اللَّه فيما بلغني - يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول اللَّه فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول اللَّه حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ … الآيات. ثم قام رسول اللَّه وأقبل عبد اللَّه بن الزّبعْرى التميمي، حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له: واللَّه ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبد اللَّه بن الزبعري: أما واللَّه لو وجدته لخَصَمْتُه، سلوا محمدًا: أكل ما يعبد من دون اللَّه في جهنم مع من عبده، فنحن نعبد الملائلكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنصارى تعبد المسيح ابن مريم؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد اللَّه بن الزّبعْرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فَذُكِرَ ذلك لرسول اللَّه فقال: "كل من أحَبّ [٢] أن يعبد من دون اللَّه، فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته"، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ أي: عيسى [وعزيز ومن عبد معهما] [٣] من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة اللَّه ﷿ فاتخذهم [٤] من يعبدهم من أهل الضلالة أربابًا من دون اللَّه. ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنها [٥] بنات اللَّه، ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ … الآيات، ونَزَل فيما يذكر من


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- في ز، خ: "أراد".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "وعزيرًا ومن عبدوا".
[٤]- في خ: "فاتخذوهم".
[٥]- في ت: "وأنهم".