وقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أي: فيما أمركم به، ﴿وَأَطِيعُونِ﴾، فيما جئتكم به، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، [أي: أنا وأنتم عبيد له، فقراء إليه، مشتركون في عبادته وحده لا شريك له، ﴿هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، [١]، أي: هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم، وهو عبادة الرب ﷿ وحده.
وقوله: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَينِهِمْ﴾ أي: اختلفت الفرق وصاروا شيعًا فيه، منهم من يقر بأنه عبد اللَّه ورسوله - وهو الحق - ومنهم من يدعي أنه ولد اللَّه، ومنهم من يقول: إنه اللَّه -تعالى اللَّه عن قولهم علوَّا كبيرًا- ولهذا قال: ﴿فَوَيلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾.
يقول تعالى: هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون للرسل ﴿إلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أي: فإنها كائنة لا محالة وواقعة، وهؤلاء غافلون عنها غير مستعدين. فإذا جاءت إنما تجيء وهم لا يشعرون بها، فحينئذ يندمون كل الندم، حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم.
وقوله تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا الْمُتَّقِينَ﴾ أي: كل صداقة وصحابة لغير اللَّه فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة، إلا ما كان للَّه ﷿ فإنه دائم بدوامه. وهذا كما قال إبراهيم ﵇ لقومه: ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَينِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.