للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الدارقطني: تفرد به عبد الرزاق، ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعًا: "عُزير لا أدري أنبيًا كان أم لا؟ ولا أدري [ألعين تُبّع] [١] أم لا؟ " (٢١).

ثم أورد ما جاء في النهي عن سبه ولعنته كما سيأتي. وكأنه -والله أعلم- كان كافرًا ثم أسلم، وتابع دينَ الكليِم [٢] على يَدَي مَن كان من أحبار اليهود في ذلك الزمان على الحق قبل بعثة المسيح وحج البيت في زمن الجُرهُميين، [وكساه الملاء والوصائل من الحرير والحبر ونحر عنده ست آلاف بدنة وعظمه وأكرمه. ثم عاد إلى] [٣] اليمن. وقد ساق قصته بطولها الحافظ ابن عساكر من طرق متعددة مطولة مبسوطة عن أبي بن كعب، وعبد الله بن سَلام، وعبد الله بن عباس، وكعب الأحبار. داليه المرجع في ذلك كله، وإلى عبد الله بن سلام أيضًا، وهو أثبت وأكبر وأعلم.

وكذا روى قصته وهب بن مُنَبه، ومحمد بن إسحاق في "السيرة" كما هو مشهور فيها. وقد اختلط على الحافظ ابن عساكر في بعض السياقات ترجمة تُبَّع هذا [٤] بترجمة آخر [٥] متأخر عنه بدهر طويل، فإن تُبَّعًا هذا المشارَ إليه في القرآن أسلم قومه على يديه، ثم لما مات عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران، فعاقبهم الله تعالى كما ذكر [٦] في سورة سبأ، وقد بسطنا قصتهم هنالك، ولله الحمد والمنة.

وقال سعيد بن جبير: كسا تبع الكعبة، وكان سعيد ينهى عن سبه.

وتُبَّع هذا هو تُبَّع الأوسط، واسمه أسعد أبو كريب بن مَلْكيكَرب اليماني، ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستًّا [٧] وعشرين سنة، ولم يكن في حمير أطول مُدّة منه، وتوفي قبل مبعث رسول الله بنحو من سبعمائة عام. وذكروا أنه لما ذكر له الحَبْران من يهود المدينة أن هذه البلدة [٨] مُهاجَرُ [نبي في آخر الزمان] [٩]، اسمه أحمد، قال في ذلك شعرًا واستودعه عند أهل المدينة. وكانوا يتوارثونه ويَرْوُنه خلفًا عن سلف. وكان ممن يحفظه


(٢١) - تاريخ دمشق (٣/ ٥٠١) مخطوط.