للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيسلت ما في بطنه من أمعائه، حتى تَمرُق من كعبيه -أعَاذنا الله تعالى من ذلك-!.

وقوله: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ أي: قولوا [١] له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ.

و [٢] قال الضحاك: عن ابن عباس: أي لست بعزيز و [٣] لا كريم.

وقد قال الأموي في "مغازيه": حدثنا أسباط، حدثنا أبو بكر الهُذَلي، عن عكرمة قال: لقي رسول الله أبا جهل -لعنه الله! - فقال: "إن الله تعالى أمرني أن أقول لك: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾. قال: فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء. ولقد علمت أني أمنعُ أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم. قال: فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله وعَيّره بكلمته، وأنزل: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾.

وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾، كقوله: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ﴾. ولهذا [٤] قال هاهنا: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾.

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر السعداء -ولهذا سُمَّي القرآن مثاني- فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾، أي: لله في الدنيا ﴿فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾. أي: في الآخرة وهو الجنة، قد أمنوا فيها من الموت والخروج، ومن كل هم وحزن وجزع وتعب ونصب، ومن الشيطان وكيده، وسائر الآفات والمصائب ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾. وهذا في مقابلة ما أولئك فيه من شَجَر الزقوم، وشرب الحميم.


[١]- في ت: "قل".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ت: "وكهذا".