للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ﴿يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ﴾، وهو: رفيع الحرير، كالقمصان ونحوها، ﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾، وهو: مافيه بريق ولمعان وذلك كالرياش، وما يلبس على أعالي القماش. ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾، أي: على السرر، لا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره.

وقوله: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾، أي: هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان اللاتي ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾، ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾، ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ﴾.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نوح بن حبيب، حدثنا نَصر [١] بن مُزاحم العَطَّار، حدثنا عمر بن سعد، عن رجل، عن أنس -رفعه نوح- قال: "لو أن حوراء بزقت في بحر لُجيّ، لعذب ذلك الماء لعذوبة ريقها (٢٥).

وقوله: ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ﴾، أي: مهما طلبوا من أنواع الثمار أحضر لهم، وهم آمنون من انقطاعه وامتناعه، بل يحضر لهم [٢] كلما أرادوا.

وقوله: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾، هذا الاستثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع، ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدًا. كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: "يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة؛ خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت".

وقد تقدم الحديث في سورة مريم (٢٦).

وقال عبد الرزاق: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي [٣] مسلم الأغر، عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله : "يقال لأهل الجنة: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، وإن لكم أن تَشِبّوا فلا تهرموا أبدًا". رواه مسلم، عن إسحاق بن راهوية وعبد بن حُمَيد، كلاهما عن عبد الرزاق به [٤] (٢٧).


(٢٥) - ورواه أبو نعيم في صفة الجنة (٣٨٦) من وجه آخر، فرواه من طريق محمد بن إسماعيل الحساني عن منصور الواسطي عن أبي نصر الآبار عن أنس مرفوعًا بنحوه.
(٢٦) - تقدم عند الآية (٣٩) من سورة مريم.
(٢٧) - مسلم (٢٨٣٧).