للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحملوا الأذى منهم. وهذا كان في ابتداء الإسلام، أمروا أن يصبروا على أذى المشركين وأهل الكتاب، ليكون ذلك لتأليف قلوبهم، [ثم لما] [١] أصروا على العناد شَرَع الله للمؤمنين الجِلاد والجهَادَ. هكذا رُوي عن ابن عباس، وقتادة.

وقال مجاهد: ﴿لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾: لا ينالون [٢] نعم الله.

وقوله: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أي [٣]: إذا صفحوا عنهم في الدنيا فإن الله مجازيهم بأعمالهم السيئة في الآخرة؛ ولهذا قال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ أي: تعودون إليه يوم القيامة فتعرضون بأعمالكم، فيجازيكم [٤] بأعمالكم خيرها وشرها.

﴿وَلَقَدْ آتَينَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالمِينَ (١٦) وَآتَينَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَينَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠)

يذكر تعالى ما أنعم به على بني إسرائيل من إنزال الكتب عليهم وإرسال الرسل إليهم، وجَعْله الملك فيهم؛ ولهذا قال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ أي: من المآكل والمشارب، ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ أي: في زمانهم، ﴿وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾ أي: حُججًا وبراهين وأدلة قاطعات، فقامت عليهم الحُجَج، ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة، وإنما كان ذلك بَغيًّا منهم على بعضهم بعضًا، ﴿إِنَّ رَبَّكَ﴾ [يا محمد] [٥] يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي: سيفصل


[١]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "فلما".
[٢]- في ت: "يبالون".
[٣]- سقط من: خ.
[٤]- في ت: "فيجزيكم".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.