للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهم بحكمه العدل.

وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم، وأن تقصد منهجهم، ولهذا قال: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا﴾ أي: اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو، وأعرض عن المشركين.

وقال هاهنا: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ أي: وماذا تغني عنهم وَلَايتهم لبعضهم بعضًا، فإنهم لا يزيدُونهم إلا خسارًا ودمارًا وهلاكًا، ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾، وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات.

ثم قال: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ﴾، يعني: القرآن، ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)

يقول تعالى: لا يستوي المؤمنون والكافرون، كما قال: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾، وقال هاهنا: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ أي: عملوها وكسبوها ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ أي: نساويهم بهم في الدنيا والآخرة! ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ أي: ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نُسَاويَ بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة، وفي هذه الدار.

قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا مُؤمل بن إهاب، حدثنا بكير بن عثمان التنوخي، حدثنا الوَضِين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد الصنعاني [١]، عن أبي ذر قال: إن الله بنى دينه على أربعة أركان، فمن صبر عليهن ولم يعمل بهن لقي الله في الفاسقين. قيل: وما هن يا أبا ذر؟ قال: يسلم [٢] حلال الله لله، وحرام الله لله، [وأمر الله لله] [٣]، ونهي


[١]- في ز، خ: "الناجى". وفي ت: الباجي.
[٢]- في ز، خ: "تسلم".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.