للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يأتي أمر الله وهم [١] على ذلك، [وعُقْر دار المسلمين بالشام"] [٢].

وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن داود بن [٣] رُشيد، به. والمحفوظ أنه من رواية سلمة بن نُفَيل كما تقدم. وهذا يقوي القول بعدم النسخ، كأنه شرع هذا الحكم في الحرب إلى أن لا يبقى حرب.

وقال قتادة: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ حتى لا يبقى شرك. وهذا كقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾. ثم قال بعضهم: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ أي: أوزار المحاربين، وهم المشركون، بأن يتوبوا إلى الله ﷿. وقيل: أوزار أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة الله ﷿.

وقوله: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ أي: هذا ولو شاء الله لانتقم من الكافرين بعقوبة ونكال من عنده، ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ أي: ولكن شرع لكم الجهاد وقتال الأعداء ليختبركم، ويبلو أخباركم. كما ذكر حكمته في شرعية الجهاد في سورتي "آل عمران" و"براءة" في قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ وقال في سورة براءة: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ثم لما كان من شأن القتال أن يُقتل كثيرٌ من المؤمنين، قال: ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالهُمْ﴾ أي: لن يذهبها بل يكثرها وينميها [٤] ويضاعفها. ومنهم من يجري عليه عمله في طول بَرْزَخه، كما ورد بذلك الحديث الذي رواه الإِمام أحمد في مسنده (٧)، حيث قال:


(٧) - المسند (٤/ ٢٠٠) وعنه البخاري في التاريخ (٧/ ١٤٣، ١٤٤) وابن الأثير في أسد الغابة (٤/ ٤١٥) ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٧٣٤١) قال: حدثنا محمد بن مصفى نابقيه قال: حدثني ابن ثوبان فذكره نحوه. وفي إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد اختلف فيه فضعفه أحمد، والنسائي، وابن خراش، ووثقه أبو حاتم الرازي ودحيم وعبد الرحمن بن صالح وعمرو بن علي الفلاس وغيره ابن حبان في الثقات وقال ابن المديني والعجلي وغيرهما: لا بأس به، واختلف فيه قول ابن معين.
وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق يخطئ ورمى بالقدر وتغير بأخرة. فمثل ابن ثوبان هذا يحسن حديثه لا سيما إذا كان له شواهد مثل هذا الحديث فإنه يشهد له حديث المقداد الآتي والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥/ ٢٩٦) وقال: رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وثقه أبو حاتم وجماعة وضعفه جماعة.