للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن كعب: يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة، كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة.

وقال مقاتل بن حيان: بلغنا أن الملك الذي كان وُكِلَ بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة، ويتبعه ابنُ آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له، فيعرّفه كل شيء أعطاه الله في الجنة، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل [إلى] [١] منزله وأزواجه، وانصرف الملك عنه. ذكرهن ابن أبي حاتم !

وقد ورد الحديث الصحيح بذلك أيضًا، رواه البخاري (١٢) من حديث قتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: "إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاصّون [٢] مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله [] [٣] كان في الدنيا".

ثم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، كقوله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾، فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال: ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، كما جاء في الحديث: "من بَلَّغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدمه على الصراط يوم القيامة".

ثم قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ﴾، عكس تثبيت الأقدام للمؤمنين الناصرين لله ولرسوله . وقد ثبت في الحديث عن رسول الله أنه قال: "تعس عبد الدينار، [تعس عبد الدرهم] [٤]، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذا شِيكَ فلا انتقش" (١٣).


= والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (٢٢٠١).
(١٢) - صحيح البخاري كتاب المظالم، باب: قصاص المظالم حديث (٢٤٤٠) من طريق هشام الدستوائي عن قتادة به، ورواه في كتاب الرقاق، باب: القصاص يوم القيامة وهي الحاقة لأن فيها الثواب وحواق الأمور حديث (٦٥٣٥) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
والحديث رواه أحمد (٣/ ١٣، ٥٧، ٦٣، ٧٤) وعبد بن حميد (٩٣٥) والبخاري في الأدب المفرد (٤٨٦) من طريق قتادة به.
(١٣) - تقدم تخريجه في تفسير سورة آل عمران الآية (٢٠٠).