للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَأَضَلَّ أَعْمَالهُمْ﴾ أي: أحبطها وأبطلها. ولهذا قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [أي: لا يريدونه ولا يحبونه، ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالهُمْ﴾] [١].

﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣)

يقول تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا﴾ يعني المشركين بالله المكذبين لرسوله ﴿فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِمْ﴾ أي: عاقبهم بتكذيبهم وكفرهم، أي: ونجى المؤمنين من بين أظهرهم؛ ولهذا قال: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾. ثم قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ ولهذا قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحُدٍ حين - سأل عن النبي ، وعن أبي بكر وعمر فلم يُجَبْ، وقال: أما هؤلاء فقد هلكوا. وأجابه عمر بن الخطاب فقال: كذبت يا عدو الله، بل أبقى الله لك ما يسوءك، وإن الذين [٢] عَدَدت لأحياءٌ. فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، أما إنكم ستجدون مُثْلَةً لم آمر بها ولم تسؤني، ثم ذهب يرتجز ويقول: * اعل هُبَل، اعل هُبَل * فقال رسول الله : "ألا تجيبوه؟ " قالوا: يا رسول الله؟ وما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل". ثم قال أبو سفيان: لنا العُزّى، ولا عُزى لكم. فقال: "ألا تجيبوه؟ " قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم" (١٤).


(١٤) - رواه أحمد (٤/ ٢٩٣)، ورواه البخاري في "صحيحه" في المغازي، باب: غزوة أحد … حديث (٤٠٤٣) من حديث البراء بن عازب ورواه أيضًا أحمد في مسنده (٤/ ٢٩٣) والنسائي في "الكبرى" كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾ حديث (١١٠٧٩) من حديث البراء أيضًا.