للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعدى الأعداء من عَدَا على الله في حرمه، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذُحُول [١] الجاهلية، فأنزل الله على نبيه : ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾.

﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (١٥)

يقول: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ أي: على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه، بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم، وبما جَبَله الله عليه من الفطرة المستقيمة، ﴿كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: ليس هذا كهذا. كقوله: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، وكقوله: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾.

ثم قال: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾. قال عكرمة: ﴿مثل الجنة﴾ أي: نعتها. ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾. قال ابن عباس، والحسن، وقتادة: يعني غير متغير. وقال قتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني: غير منتن. والعرب تقول: أسِنَ الماء إذا تَغَيَّر ريحه.

وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم: ﴿غير آسن﴾ يعني: الصافي [٢] الذي لا كدر فيه.

وقال ابن أبي حاتم (١٧): حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق قال: قال عبد الله: أنهار الجنة تُفجَّر من جبل من مسك.

﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ أي: بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة. وفي حديث مرفوع: "لم يخرج من ضُرُوع الماشية".


(١٧) - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/ ٦٧) والبيهقي في البعث والنشور (٢٩٣) من طريق الأعمش به. وأخرجه عمر في جامعه (١١/ ٤١٦ - المصنف) عن الأعمش عن ابن مرة عن مسروق قوله.