للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال قتادة: قد علم الله أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان. وصدق قتادة فإن المال محبوب، ولا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه.

وقوله: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ﴾ أي: لا يجيب إلى ذلك، ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ أي: إنما نَقَص نفسَه من الأجر، وإنما يعود وبال ذلك عليه ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ﴾ أي: عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه [١]، دائمًا؛ ولهذا قال: ﴿وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ أي: بالذات إليه. فوصفُهُ بالغني وصف لازم له، ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم، لا ينفكون عنه [٢].

وقوله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا﴾ أي: عن طاعته واتباع شرعه ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ﴾ أي: ولكن يكونون [٣] سامعين مطيعين له ولأوامره.

وقال ابن أبي حاتم، وابن جرير (٤١): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني مسلم [٤] بن خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله تلا هذه الآية: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ﴾. قالوا: يا رسول الله؛ من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: فضرب بيده [٥] على كتف سلمان الفارسي ثم قال: "هذا وقومه، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس".

تفرد به مسلم بن خالد الزنجي، ورواه عنه غير واحد، وقد تكلّم فيه بعض الأئمة، والله أعلم.

آخر تفسير سورة القتال [٦].

* * *


(٤١) - تفسير الطبري (٢٦/ ٦٦، ٦٧)، وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور (٦/ ٧٤) إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه.