للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال لعباده المؤمنين ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾ أي: لا [١] تضعفوا عن الأعداء، ﴿وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ أي: المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عَدَدِكم وعُدَدِكُم؛ ولهذا قال: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ أي: في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم [٢] قوة [٣] وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المعاهدة والمهادنة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله حين صدّه كفار قريش عن مكة، ودَعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم إلى ذلك.

وقوله: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾: فيه بشارة عظيمة بالنصر [٤] والظفر علي الأعداء، ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالكُمْ﴾ أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم [٥] إاها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئًا.

﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (٣٧) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ (٣٨)

يقول تعالى تحقيرًا لأمر الدنيا وتهوينًا لشأنها: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أي: حاصلها ذلك إلا ما كان منها [٦] لله ﷿ ولهذا قال: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالكُمْ﴾ أي: هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئًا، وإنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساةً لإخوانكم الفقراء، ليعود نفع ذلك عليكم، ويرجع ثوابه إليكم.

ثم قال: ﴿إنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا﴾ أي: يحوجكم [٧] تبخلوا: ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾.


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- في ز، خ: "فيه".
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ز، خ: "في النصر".
[٥]- في ز، خ: ويسليكم.
[٦]- في خ: "فيها".
[٧]- في ت: "يخرجكم".