للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ فيه تقرير المعاد، لأن من قدر على خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن، قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى والأحرى.

وقال قتادة: قالت اليهود -عليهم لعائن الله- خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع، وهو يوم السبت، وهم يسمونه يوم الراحة، فأنزل الله تكذيبهم فيما قالوه وتأولوه: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ أي: من إعياء ولا نصب ولا تعب، كما قال في الآية الأخرى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾ وكما [١] قال: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ وقال: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾.

وقوله: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ يعني: المكذبين، اصبر عليهم، واهجرهم هجرًا جميلًا، ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ [وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾، وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء، ثنتان قبل طلوع الشمس] [٢] في وقت الفجر، وقبل الغروب في وقت العصر، وقيام الليل كان واجبًا على النبي [وعلى أمته] [٣] حولًا، ثم نسخ في حق الأمة وجوبُه. ثم بعد ذلك نسخ الله ذلك كله ليلة الإسراء بخمس صلوات، ولكن منهن صلاة الصبح والعصر، فهما قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.

وقد قال الإِمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله؛ قال: كنا جلوسًا عند النبي ، فنظر إلى القمر ليلة البدر [٤] فقال: "أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر، لا تُضارون [٥] فيه، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا". ثم قرأ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ (٤٥).

ورواه البخاري ومسلم وبقية الجماعة، من حديث إسماعيل به (٤٦).


(٤٥) - أخرجه أحمد (٤/ ٣٦٥).
(٤٦) - البخاري في كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر، حديث (٥٥٤) (٢/ ٣٣). وأطرافه في: [٥٧٣، ٤٨٥١، ٧٤٣٤، ٧٤٣٥، ٧٤٣٦]. ومسلم في كتاب: المساجد، =