للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَسَبِّحْهُ﴾ أي: فصلِّ له، كقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾.

﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ قال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: هو التسبيح بعد الصلاة.

ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: جاء فقراء [١] المهاجرين فقالوا: يا رسول الله؛ ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. فقال: "وما ذاك؟ " قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق! قال: "أفلا أعلمكم شيئًا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر [٢] كل صلاة ثلاثا وثلاثين". قال: فقالوا: يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال [بما [٣] فعلنا] [٤]، ففعلوا مثله [٥]. قال: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" (٤٧).

والقول الثاني: أن المراد بقوله: ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾، هما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن عمر وعليّ، وابنه الحسن، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وبه يقول مجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخَعي، والحسن، وقتادة، وغيرهم.


= باب: فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، حديث (٢١١/ ٦٣٣) (٥/ ١٨٧). وأبو داود في كتاب: السنة، باب: في الرؤية، حديث (٤٧٢٩) (٤/ ٢٣٣). والترمذي في كتاب: صفة الجنة، باب: ما جاء في رؤية الرب ، حديث (٢٥٥٤) (٧/ ٢٢٩ - ٢٣٠). والنسائي في الكبرى في كتاب: التفسير، باب قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾، حديث (١١٣٣٠) (٦/ ٤٠٧). وابن ماجه في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، حديث (١٧٧) (١/ ٦٣). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
فائدة: ما جاء في الحديث هنا من كون المؤمنين يرون ربهم هو عقيدة أهل السنة، ومعنى تشبيه ذلك بالقمر هو من قبيل تشبيه الرؤية بالرؤية لا من قبيل تشبيه المرئي بالمرئي، فإنه تعالى ليس كمثله شيء، فيكون المعنى أنهم يرون الله بأعينهم كما يرون القمر بأعينهم بدون إحاطة فإنه تعالى لا يحيط به شيء فانتبه، والله أعلم بالصواب.
(٤٧) - أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة، حديث (٨٤٣) (٢/ ٣٢٥)، وطرفه في [٦٣٢٩]. ومسلم في كتاب: المساجد، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، حديث (١٤٢/ ٥٩٥).