للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير المؤمنين؛ أخبرني عن "الذاريات ذروًا"؟ فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن "المقسمات أمرًا"؟ قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن "الجاريات يسرًا"؟ قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله يقوله ما قلته. ثم أمر به فضرب مائة، وجعل في بيت، فلما برأ ضربه مائة أخرى، وحمله على قتب وكتب إلى أبي موسى الأشعري: امنع الناس من مجالسته. فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف بالأيمان الغليظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئًا. فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب عمر: ما إخاله إلا صدق، فخل بينه وبين مجالسة الناس.

قال أبو بكر البزار: فأبو بكر بن أبي [١] سبرة لين، وسعيد بن سلام ليس من أصحاب الحديث.

قلت: فهذا الحديث ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر، فإن قصة صَبيغ [٢] بن عسل مشهورة مع عمر، وإنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنتًا وعنادًا، والله أعلم.

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر هذه القصة في ترجمة صبيغ مطولة، وهكذا فسرها ابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والسدي، وغير واحد. ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم غير ذلك.

وقد قيل: أن المراد بالذاريات: الريح، كما تقدم، وبالحاملات وقرًا: السحاب، كما تقدم؛ لأنها تحمل الماء كما قال زيد بن عمرو بن نُفَيل:

وَأَسْلَمتُ نَفْسِي لِمَنْ أَسلَمَت … لَهُ الْمُزنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلَالًا

فأما الجاريات يسرًا [فالمشهور عن الجمهور -كما تقدم- أنها السفن تجري ميسرة في الماء جريًا سهلًا. وقال بعضهم: هي النجوم تجري يسرًا] [٣] في أفلاكها، ليكون ذلك ترقيا من الأدنى إلى الأعلى، إلى ما هو أعلى منه، فالرياح فوقها السحاب، والنجوم فوق ذلك، والمقسمات أمرًا الملائكة فوق ذلك، تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية. وهذا قسم من الله


= (٧/ ١١٦): رواه البزار، وفيه أبو بكر بن أبا سبرة وهو متروك. وأخرجه الدارقطني في الأفراد وقال: غريب من حديث يحيى الأنصاري عنه. تفرد به أبو بكر بن أبي سبرة.