للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﷿ على وقوع المعاد؛ ولهذا قال: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ﴾ أي: لخبر صدق، ﴿وَإِنَّ الدِّينَ﴾ وهو: الحساب ﴿لَوَاقِعٌ﴾ أي: لكائن لا محالة.

ثم قال: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾. قال ابن عباس: ذات البهاء والجمال والحسن والاستواء. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، وأبو مالك، وأبو صالح، والسدي وقتادة، وعطية العوفي، والربيع بن أنس، وغيرهم.

و [١] قال الضحاك، والمنهال بن عمرو، وغيرهما: مثل تجعد الماء والرمل والزرع إذا ضربته الريح، فينسج بعضه بعضًا طرائق، فذلك الحبك.

قال ابن جرير: حدثني، يعقوب بن إبراهيم، [حدثنا ابن عُلية] [٢]، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من أصحاب النبي عن رسول الله أنه قال: "إن من ورائكم الكذاب المضل، وإن رأسه من ورائه [حُبُكْ حُبُك] [٣] ". بعنى بالحبك: الجعودة (٣).

وعن أبي صالح ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾: الشدة. وقال خُصيف: ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾: ذات الصفاقة. وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾: حبكت بالنجوم.

وقال قتادة: عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن عمرو البَكالي، عن عبد الله بن عمرو [٤]: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ يعني: السماء السابعة. وكأنه، والله وأعلم- أراد كذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع، والله أعلم. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد، وهو الحسن والبهاء، كما قال ابن عباس فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات.

وقوله: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ أي: إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب، لا يلتئم ولا يجتمع.

وقال قتادة: إنكم لفي قول مختلف، ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به.


(٣) - أخرجه الطبري (٢٦/ ١٩٠) وفيه عبد الله بن زيد بن عمرو وهو أبو قلابة، ثقة فاضل، كثير الإرسال، وبقية رجاله ثقات، وجهالة الصحابي لا تضر.