للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجة قاطعة، ﴿فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ﴾ أي: فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكبارا وعنادا.

وقال مجاهد: تعزز بأصحابه. وقال قتادة: غلب عَدُوّ الله على قومه. وقال ابن زيد: ﴿فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ﴾ أي: بجموعه التي معه، ثم قرأ: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾.

والمعنى الأول قوي كقوله: ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي: معرض عن الحق مستكبر. ﴿وَقَال سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾، أي: لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحرًا أو مجنونًا، قال الله تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ﴾ أي ألقيناهم ﴿فِي الْيَمِّ﴾ وهو البحر، ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ أي: وهو ملوم كافر جاحد [١] فاجر معاند.

ثم قال: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ أي: المفسدة التي لا تنتج شيئًا. قاله الضحاك، وقتادة، وغيرهما.

ولهذا قال: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَلَيهِ﴾ أي: مما تفسده الريح ﴿إلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾، أي: كالشيء الهالك البالي.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله [ابن أخي ابن وهب، حدثنا عمي عبد الله بن وهب، حدثني عبد الله] [٢]-يعني ابن عياش القتْباني [٣] حدثني عبد الله بن سليمان، عن دَراج، عن عيسى بن هلال الصدَفي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "الريح مسخرة من الثانية -يعني من الأرض الثانية- فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا، قال: أي رَب؛ أرسل عليهم من [٤] الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار: لا إذا تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل بقدر خاتم. فهي التي يقول الله في كتابه: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَلَيهِ إلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ ".

هذا الحديث رفعه منكر، والأقرب أن يكون موقوفًا على عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك. والله أعلم.

قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله: ﴿[إِذْ أَرْسَلْنَا] [٥] عَلَيهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ قالوا:


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- ما بين المعكوفين سقط من ز، خ.
[٣]- في ز: القتبان. وفي خ: العنان.
[٤]- سقط من ت.
[٥]- في ز: فأرسلنا.