للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)

يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة، أن عذابه واقع بأعدائه، وأنه لا دافع له عنهم. فالطور هو: الجبل الذي يكون فيه أشجار، مثل الذي كلم الله عليه موسى، وأرسل منه عيسى. وما لم يكن فيه شجر لا يسمى طورًا، إنما يقال له: جبل.

﴿وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ﴾ قيل: هو اللوح المحفوظ. وقيل: الكتب المنزلة المكتوبة التي تقرأ على الناس جهارًا؛ ولهذا قال: ﴿فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيتِ الْمَعْمُورِ﴾. و [١] ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال في حديث الإِسراء بعد مجاوزته إلى السماء السابعة: "ثم رفع بي إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم" (٣). يعني: يتعبدون فيه ويطوفون به، كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم. كذلك ذاك البيت، هو كعبة أهل السماء السابعة؛ ولهذا وجد إبراهيم الخليل مسندًا ظهره إلى البيت المعمور؛ لأنه باني الكعبة الأرضية، والجزاء من جنس العمل، وهو بحيال الكعبة، وفي كل سماء بيت يتعبد فيه أهلها، ويصلون إليه، والذي في السماء الدنيا يقال له: بيت العزة. والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الوليد [بن مسلم] [٢]، حدثنا روح بن جَنَاح [٣]، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي ؛ قال: "في السماء السابعة [٤] بيت يقال له: المعمور، بحيال الكعبة، وفي السماء الرابعة نهر يقال له: الحيوان، يدخله جبريل كل يوم، فينغمس فيه انغماسة، ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخر عنه سبعون ألف قطرة، يخلق الله من كل قطرة ملكًا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور، فيصلوا فيه فيفعلون، ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدًا، ويولى عليهم أحدهم، يؤمر أن يقف بهم من السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة" (٤).


(٣) - أخرجه البخاري في كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، حديث (٣٢٠٧) (٦/ ٣٠٢ - ٣٠٣). وأطرافه في [٣٣٩٣، ٣٤٣٠، ٣٨٨٧]. ومسلم في كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله حديث (١٦٤/ ٢٦٤) (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢).
من حديث مالك بن صعصعة.
(٤) - أخرجه العقيلي (٢/ ٥٩ - ٦٠) في ترجمة روح بن جناح. وابن عدي في الكامل (٣/ ١٠٠٤) في ترجمة روح أيضًا. كلاهما من طريق الوليد بن مسلم -زاد ابن عدي ثنا أبو سعد- ثنا روح … بهذا =