للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الأعمش، عن مجاهد في قوله: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾، يعني: القرآن إذا نزل. وهذه الآية [١] كقوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾.

وقوله: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾: هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول - صلوات الله وسلامه عليه - بأنه بارّ راشد تابع للحق ليس بضال، وهو: الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم. والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه قصدًا إلى غيره، فنزه الله رسوله وشرعَه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود، وعن علم الشيء وكتمانه والعمل بخلافه، بل هو صلوات الله وسلامه عليه، وما بعثه الله به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد؛ ولهذا قال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾، أي: ما يقول قولًا عن هوى وغرض ﴿إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ أي: إنّما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملًا موفّرًا من غير زيادة ولا نقصان، كما رواه الإمام أحمد (٣):

حدثنا يزيد، حدثنا حَريِز [٢] بن عثمان، عن عبد الوحمن بن ميسرة، عن أبي أمامة؛ أنه سمع رسول الله يقول: "ليدخلن [٣] الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثلُ الحيين -أو مثل أحد الحيين-: ربيعة ومضر". فقال رجل: يا رسول الله؛ أوَ مَا ربيعة من مضر؟ قال: "إنما أقول ما أقول".

وقال الإِمام أحمد (٤): حدثنا يحيى بن سعيد، عن عُبيَد الله بن الأخنس، أخبرنا الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن مَاهَك، عن عبد الله بن عمرو؛ قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله، ورسول الله صلى الذ عليه وسلم بشر [٤]، يتكلم في الغضب.


(٣) - أخرجه أحمد (٥/ ٢٥٧) (٥/ ٢٢٣) والطبراني (٨/ ١٦٩) (٧٦٣٨) وفي إسناده: عبد الرحمن بن ميسرة وهو الحضرمي، قال الحافظ: مقبول. وأخرجه أحمد أيضًا (٥/ ٢٥٧) (٢٢٣١٦)، (٥/ ٢٦٧) (٢٢٣٩٦). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٨٤): رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني رجالهم رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة وهو ثقة. وأخرجه الطبراني بنحوه من طرق أخرى (٨/ ٢٨٠، ٣٣٠) (٧٩١٩، ٨٠٥٨).
(٤) - أخرجه أحمد (٥/ ١٦٢، ١٩٢). وصحح إسناد هذا الحديث أحمد شاكر في تعليقاته على المسند.