للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾، أي: دمرهم فلم يبق منهم أحدا، ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ﴾، أي: من قبل هؤلاء ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾، أي: أشد تمردًا من الذين من بعدهم، ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾، يعني: مدائن لوط، قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليها [١] حجارة من سجيل منضو؛ ولهذا قال: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾، يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾.

قال قتادة: كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان فانضرم عليهم الوادي شيئًا من نار ونِفْط وقَطران كفم الأتّون. رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن محمد بن وهب بن عطية، عن الوليد بن مسلم، عن خليد، عنه، به. وهو غريب جدًّا.

﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ أي: ففي أي نعم الله عليك أبها الإنسان تمتري؟ قاله قتادة.

وقال ابن جريج [٢]: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾؟ يا محمد. والأول [٣] أولى، وهو اختيار ابن جرير.

﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)

﴿هَذَا نَذِيرٌ﴾. يعني: محمدًا ﴿مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾، أي: من جنسهم، أرسل كما أرسلوا، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾، أي: اقتربت القريبة، وهي القيامة، ﴿لَيسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾، أي: لا يدفعها إذًا [من دون] [٤] الله أحد، ولا يطلع على علمها سواه.

ثم [٥] قال تعالى منكرًا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم: ﴿تَعْجَبُونَ﴾ من أن يكون صحيحًا، ﴿وَتَضْحَكُونَ﴾ منه استهزاء وسخرية، ﴿وَلَا تَبْكُونَ﴾، أي: كما يفعل الموقنون به، كما أخبر عنهم [٦]: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾.


[١]- في خ: عليهم.
[٢]- في ز، خ: جرير.
[٣]- في ز: والأولى.
[٤]- بياض في ز، خ.
[٥]- في ز، خ: كما.
[٦]- في ز: عنه.