للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية، وبين ذلك، وأنت عندهم أمّي لا [١] تقرأ كتابًا، وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه، يقول الله تعالى [لهم في ذلك] [٢] عبرة وبيان، وعليهم حجة لو كانوا يعلمون.

وقال محمد بن إسحاق (٥٧٥): حدّثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة -أو سعيد بن جبير- عن ابن عباس؛ قال: قال ابن صوريا الفطيُوني [٣] لرسول الله : يا محمد؛ ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك. فأنرل الله في ذلك من قوله: ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ [٤] بِهَا إلا الْفَاسِقُونَ﴾.

وقال مالك بن الصيف [٥] (٥٧٦) - حين بُعث رسولُ الله وذكَّرهم ما أخذ عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم في محمد : والله ما عَهِد إلينا في محمد [] ولا أخذ علينا ميثاقًا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾.

وقال الحسن البصري: في قوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. قال: نعم ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه، يعاهدون اليوم وينقضون غدًا.

وقال السدي: لا يؤمنون بما جاء به محمد . وقال قتادة: نبذه فريق منهم، أي نقضه فريق منهم.

وقال ابن جرير (٥٧٧): أصل النبذ الطرح والإلقاء، ومنه سُمي اللقيط منبوذًا، ومنه سُمي النبيذ وهو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء. قال أبو الأسود الدؤلي:

نظرتَ إلى عنوانه فنبذْتَه … كنبذك نعلًا أخْلَقَتْ من نعالكا

قلت: فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها؛ ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم، وإلى الناس كافة، الذي في كتبهم نعتُه، وصفتُه وأخباره، وقد أُمروا فيها باتباعه، ومؤازرته، ومناصرته، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ


(٥٧٥) - رواه ابن جرير برقم ١٦٣٧، ١٦٣٨ - (٢/ ٣٩٨)، والسيرة (٢/ ١٩٦).
(٥٧٦) - رواه ابن جرير برقم ١٦٣٩ - (٢/ ٤٠٠)، والسيرة لابن هشام (٢/ ١٩٦).
(٥٧٧) - تفسير ابن جرير (٢/ ٤٠١).