للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾ الآية. وقال هاهنا ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. الآية. أي: طرح [١] طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد وراء ظهورهم، أي: تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها، وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه، ولهذا أرادوا كيدًا برسول [٢] الله وسحروه في مُشْط ومُشَاقة وجُفّ طلعة ذَكَر تحت راعوثة [٣] (٥٧٨) ببئر [٤] ذي أروان، وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له: لبيد بن الأعصم - لعنه الله وقبحه [٥] فأطلع [٦] الله على ذلك رسوله، ، وشفاه منه وأنقذه، كما ثبت ذلك مبسوطًا في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين كما سيأتي بيانه.

و [٧] قال السدي: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ قال: لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف، وسحر هاروت وماروت، فلم يوافق القرآن فذلك قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

وقال قتادة في قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال: إن القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا علمهم، وكتموه، وجحدوا به.

وقال العوفي في تفسيره: عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ الآية. وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئام [٨] (٥٧٩) من الجن والإنس واتبعوا الشهوات، فلما أرجع [٩] الله إلى سليمان مُلْكَه، وقام الناس على الدين كما كان، أو أن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه، وتوفي سليمان حِدْثَان ذلك، فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان وأخفاه عنا [١٠] فأخذوا به فجعلوه دينًا؛ فأنزل الله تعالى ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ


(٥٧٨) - الراعوثة: حجر في أعلى البئر، يقف عليه المستقي.
(٥٧٩) - الفئام: الجماعة من الناس.