رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٣) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥)﴾
يذكر تعالى خَلْقَه الإِنسان من صلصال كالفخار، وخلقه الجان من مارج من نار، وهو: طرف لهبها. قاله الضحاك، عن ابن عباس. وبه يقول عكرمة ومجاهد، والحسن وابن زيد.
وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾: من لهب النار، من أحسنها.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾: من خالص النار.
وكذا قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم.
وقال الإمام أحمد (٦): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله، ﷺ: "خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجان من مارج [من نار] [١]،، وخلق آدم مما وصف لكم".
ورواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما [٢] عن عبد الرزاق به (٧).
وقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تقدم تفسيره. ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَينِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَينِ﴾، يعني مشرقي الصيف والشتاء، ومغربي الصيف والشتاء. وقال في الآية الأخرى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾، وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم، وبروزها منه إلى الناس. وقال في الآية الأخرى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾، وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب، [ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب] [٣] مصالح للخلق من الجن والإنس قال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقوله: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَينِ يَلْتَقِيَانِ﴾ قال ابن عباس: أي: أرسلهما.
(٦) - المسند أحمد (٦/ ١٥٣) (٢٥٣٠٣).
(٧) - مسلم في كتاب: الزهد، باب: في أحاديث متفرقة، حديث (٦٠/ ٢٩٩٦) (١٨/ ١٦٧). وعبد بن حميد (١٤٧٩ - منتخب).